" محمد علي هو الذي حوَّل العمامة المفتخرة إلى رأس حقيقي/كارل ماركس"
وهكذا فعل السيد.
"تجرَّأ على النصر/ماوتسي تونغ"
يبدو الربط بلا شك عجيباً بين انتخابات البلديات في الضفة والقطاع وبين ترسيم الحدود البحرية بين فلسطين ولبنان.، وربما يراه البعض افتئاتاً على الزمن والجغرافيا.
شدَّني كثيرا صراخ قوى ومحللين لبنانيين وعرباً وتشكيكهم بما توصل إليه لبنان فيما يخص حقل كاريش بل والثروة البحرية اللبنانية بشكل عام في فصلها وتحديدها عن الثروة الفلسطينية المغتصبة. ووصل هؤلاء بين طيب ومتحمس ومطبِّع وانعزالي إلى اتهام سلاح العمامة السوداء بالتطبيع وكذلك الرئيس اللبناني.
وأعتقد أن هؤلاء رغم تعددهم وتبايناتهم لم يخرجوا من إشكالية فُرضت على العرب وجرى تمثُّلها وهي إستدخال الهزيمة حيث وصلوا نفسيا إلى قناعة عميقة بأن العرب عاجزين عن النصر حتى حين ينتصرون. أو يعتقدون بأن استهداف هذا الوطن منذ 300 سنة يجب أن ينتهي في معركة واحدة!
لقد جرى التشكيك في الجيوش المصرية والسورية والعراقية والجزائرية في حرب تشرين 1973 وتم تلبيس المقاتلين خيانة السادات. وتم تبخيس إطلاق العراق 49 صاروخا على الكيان عام 1991 حتى بعد أن أعلن الكيان مؤخراً كم اثرت عليه ودمرت فيه، وتم تبخيس هروب الكيان من الجنوب عام 2000 وتبخيس انتصار 2006 وصمود غزة في عدة عدوانات من الكيان، وتبخيس موقف سوريا لعدم ردها على الكيان بحرب ستضعها في مواجهة المركز الإمبريالي الغربي مباشرة وبشكل كامل وحتى مطالبة صاحب العمامة بحماية سوريا!!!. ووصل الأمر لدى البعض بتبخيس كامل تراث فصائل م.ت.ف ليصل في "نداء وصرخة من الأعماق" إلى شطب كل هذا النضال والمطالبة بدولة مع المستوطنين، وهذا أخطر من التطبيع. على أن الأشد سوءاً هو تبخيس طرف مناضل لمساهمات طرف آخر كي يبدو لو كان البطل الأسطوري!
إن من يتتبع ويحلل هذه الفوضى في التحليل والضبابية في الرؤية لا يمكن إلا أن يرى أن هناك تبعية نفسية لماكينة إعلام الإمبريالية والكيان والأنظمة التابعة ومثقفي الطابور السادس الثقافي من جهة وما يُصر عليه الكيان والذي لخَّصه بنيامين نتنياهو ب :"العربي يركع" في النهاية!
والحقيقة أن هؤلاء يصطفون اليوم، قصدا أو خطئاً أو سذاجة أو نرجسية، كما دوماً في معسكر الثورة المضادة وخاصة في لحظة اليوم حيث النفط هو النار الأشد في هذه الحرب المتنوعة المتعددة على صعيد معولم. وعليه، وفي الحرب المتنوعة يكون التشكيك في المواقف الصلبة هو اصطفاف في معسكر العدو سواء بالصدفة أو بالقصد لا سيما وأن لا أحد يعرف بعد تفاصيل الترسيم بل يجري الاعتماد على الإعلام والتواصل الاجتماعي بما فيهما من فوضى موجهة سلباً.
وليس كاتب هذه السطور بمطلع على نص الترسيم، ولكن، بالمنطق الخالي من الحسد والغيرة وتأثير المهزومية لدى البعض والخالي من التورط في فتاوى بلا معلومات والخالي من الاعتقاد بأن عقل البعض التحليلي قادر على التنبؤ المطلق...الخ ، فلو كان لبنان العمامة باتجاه التطبيع:
• لأعلن ذلك صراحة واستراح هو وجمهوره طالما ان الترسيم تطبيع "يبدو برأي هؤلاء ملتويا أو مكشوفاً" وحينها سيحظى بجوائز نوبل واكثر منها خطورة وألغاماً.
• ولأعطى السلاح ل جعجع أو باعه في سوق الخردوات.
• أو لنقل لاستخدم السلاح ليحكم لبنان.
بالمناسبة، نشرت شركة توتال الفرنسية تقريرا مفصلا أكد أن الحكومات اللبنانية منذ عقدين واكثر كانت ترفض استخراج النفط اللبناني مع أنه مجديا بالمليارات! دون إبداء الأسباب!. ولا شك بأن هؤلاء المشككين هو ممن لعبوا دوراً فعليا في إبقاء النفط في قبره!.
ونشرت شركة «توتال»:" ... أعلمنا لبنان منذ 25 سنة بوجود الغاز والنفط لا نعرف لماذا أبقى المسؤولون اللبنانيّون الأمر سرياً ولم يتجاوبوا؟(sᴀʙʀɪɴᴀɴᴇᴡs ⁹/¹⁰/²⁰²² نقلا عن صفحة الصديق هاني مندس).
مذكرات ترتيب استخراج أو عدم استخراج النفط بين لبنان والكيان شديدة الوضوح لأنها مذكرات ردع، قوة مقابل قوة بلا مواربة. وكما كتب ابو القاسم الشابي:
لا عدل إلا إن تعادلت القوى...وتصادم الإرهاب بالإرهابِط
نعم إرهاب الإمبريالية والكيان والثورة المضادة والدين السياسي أو باختصار الاستشراق الإرهابي لا يرده سوى الرد والردع ولنسميه الإرهاب الثوري الذي قلما اعتاد عليه الكيان من معظم الأنظمة العربية.لقد أُرغم عاموس هوكشتاين الأمريكي المطعَّم بالعبرية على أن يعمل مراسلاً بين الطرف اللبناني والكيان، وهذا بحد ذاته انتصار لبناني عربي لأن الأمريكي وخاصة الصهيوني هو دائماً يأمر الرُعاع العرب. كيف لا، ألم تتم إزاحة سعيد بن تيمور في عُمان لابنه قابوس بأمر أمريكي؟ ألم تتم إزاحة حمد بن جاسم في قطر لصالح تميم ابنه بأمر من ضابط أمريكي... بينما خرج كولن باول المثقل المدجج باسلحة امريكا خالي الوفاض من دمشق.
لا يختلف هذا الترتيب/ الترسيم عن هدنة الحدود بين بلدان الطوق والكيان فهل ترسيم حدود الهدنة كان اعترافاً بالكيان؟ وهل كان يجب تركها مفتوحة لتوسعه! بقي هذا الأمر إلى أن فاض بحكام بعضها الشوق فألقت بنفسها عارية في شبق وحشي في حضن التطبيع العبري! ولو كان بوسع الأنظمة العروبية شطب الحدود والتحرير لما قصَّرت.
هل ترسيم الحدود البرية مقبول بينما البحرية لا؟ وهل التعفف عن "طرطشة" العمامة بالتطبيع يجب أن يدفعها لإبقاء النفط في البحر إلى يوم التحرير الشامل. قد نقبل بهذا إذا ما حرك المشككون فيالقهم.
نعم هناك كثيرون ممن في عقولهم وقلوبهم خانة صهيونية فليفحص كلٌ نفسه. وللتوضيح لا أعمم هذا.
لقد كتبت منذ شهر بأن الترسيم وتثبيت حقوق لبنان هو نصف المطلوب بينما النصف الآخر هو أن لا تقع هذه الثروة في ايدي اللصوص كي لا يكون مصير هذا الإنجاز النكران كما حصل ضد تحرير الجنوب. ورايت ان المطلوب دائرة خاصة لهذه الثروة خارج نطاق التركيب الحكومي البرلماني الطائفي للدولة لتكون هذه أول دائرة ثروة محررة من الفساد والطائفية والتبعية وهذا شكل من التاميم أي اعمق وأدق من قطاع عام. قد يكون حديث العمامة عن صندوق سيادي مقبولاً. ولكن الصناديق السيادية مرتبطة مباشرة بالسلطة، بالحكومة. المطلوب هنا صيغة صندوق شعبي تتحكم به القطاعات المجتمعية الطبقية ممثلة بمنتخبين عن كل منها، لا القوى السياسية وخاصة الطائفية.
انتخابات البلديات في الضفة والقطاع 1976
أعادني هذا التشكيك الممرور بموقف لبنان المقاتل بالتشكيك والهجوم الذي تعرضتُ له منذ ستة وأربعين عاماً في موقف مشابه.
كان وزير حرب الكيان حينها شمعون بيرس قد اقترح شكلا من الحكم الذاتي على الضفة والقطاع تحت عنوان "مشروع بيرس" والذي يهدف إلى خلق بديل محلي عن م.ت.ف. وتم إفشال ورفض المشروع من شعبنا.
ثم تقررت عام 1976 انتخابات المجالس البلدية في المحتل 1967. حيث دار جدل طويل في أمرين اساسيين:
الأول: هل نُجري إنتخابات تحت الاحتلال وبرضاه.
والثاني: هل تشارك المرأة في الانتخابات وتترشح وما حصتها إن حصل وشاركت؟
كان يدور الجدل بل الخلاف عام 1976، حتى على مبدأ إجراء الانتخابات.
أولاً جدل المشاركة في الانتخابات:
كنت ذات يوم مع صديق(لا يستحق ذكراسمه الآن) في سيارته مررنا صدفة قرب منزل الراحل كريم خلف رئيس بلدية رام الله، فقلنا نذهب لنرى شو أخباره، كنا نسميه (أخو الجميع) لأنه كان يقول لك ما تريد وبعدك يقول لي ما أريد. المهم وجدنا عنده عدداً من القيادات المحلية من الفصائل والمجتمع. فقالوا نحن نناقش دخول الانتخابات أم لا.
كنت حينها قد كتبت دراسة طويلة عن الموضوع، فقلت لهم سأحضر دراستي كنت اسكن في مدينة البيرة منذ هدم بيتي في قريتي بيت عور الفوقا في 15 ديسمير 1967 على يد الاحتلال ، أحضرت الدراسة والتي كان جوهرها أن هذا حق مدني لنا وبما أنه لا يتم بمفاوضات مع الاحتلال ولا يتخذ طابعاً سياسيا طبقاً لمطلب الكيان بخلق قيادة محلية بديلة ل م.ت.ف بل هو أمر إداري ذاتي فما من حيف في ذلك.(طبعاً لاحقا تحولت م.ت.ف نفسها إلى بديل لنفسها في التورط في إشكاليةأوسلو.)
وناقشنا الدراسة وصار الاتفاق أو حُسم بالمشاركة. حتى حينها كان قد مضى على علاقتي بالجبهة الديمقراطية أكثر من سنة، وغادرتها في السنة التالية. وللمفارقة أرسلت الدراسة إلى الجبهة الديمقراطة في الشام. ولكن ماذا كان الرد؟ كان الرد "يا رفيق أنت وصلت موقف متقدم على موقفنا، لكن يجب أن ترسل رايك لنا قبل أن تعرضه على الآخرين وتنشره"!!! يعني كأنني عسكري عندهم. قلت لهم: هل يُعقل ان أكون مسؤول تنظيم وحين تسألني الناس رأيي أن اقل لهم اولا سوف اسال الخارج؟
في علاقتي بالحركة الوطنية حينها كنت أدعي أنني وطني وفقط، لم أعترف لأحد بأنني في تنظيم لأن هذه مقتضيات العمل السري. كان الراحل بشير البرغوثي يلتقي نايف الرفيق حواتمه في الشام ويقول له نسق مع عادل سماره، فيأتي بشير واقول له انا لست في تنظيم. كنا حينها كلانا في جريدة الفجر.
لم أتعرض للهجوم بسبب موقفي من ضرورة إجراء الانتخابات البلدية في المحتل 1967 لا سيما وأن الاحتلال صار مديداً وكان آخرون مع هذا الموقف سواء:
• بعض قيادات م.ت.ف في الخارج وخاصة التي كانت تجهز نفسها لمطلب دولة على المحتل 1967 اي تيار الاستدوال الذي دفع أموالاً طائلة لكلفة هذه الانتخابات.
عادل
حين كتبت عن غزوة ماكرون للبنان ( Adel samara)
يا بيروت...عاد ماكرون ... وليس الصيف!
قراءة تطبيقية لتهافت نظريات "ما بعد الاستعمار"
المحاورة الثالثة ل تارنتابابو
عادل سماره 7 آب 2020 وقد تركت ما كتبته ريموندا كما هو دون تحرير، وهناك نصا بالإنجليزية ايضا ساوفره في مذكراتي النهائية إن بقيت حتى ذلك الحين) بعد مقالتي كتبت ريموندا ما وضعته هنا جزء منه.
إنتهى ما كتبته ريموندا.
أبناء البلد ومقاطعة انتخابات الكيان:
بينما كنت أكتب هذه المقالة وهي جزء من المذكرات وجزء من الدفاع عن حق لبنان في نفطه ، قرأت مقالة الرفيق رجا إغبارية في نشرة "الراية" خاصة حركة ابناء البلد يوم 10 تشرين أول الجاري.
والمقالة ترد على طرفين:
• طرف يدين ابناء البلد في كونهم يناضلون في الشأن المحلي والمدني حيث يزعم ذلك الطرف أن موقف أبناء البلد هو تساوق مع الاحتلال!
• وطرف يعتبرهم متخشبين لأنهم يرفضون المشاركة في انتخابات الكنيست للكيان.
الطرف الأول هدفه التشكيك فقط كما فعل مثيله في لبنان في موضوع ترسيم حدود النفط وكما فعل من وقفوا ضد حق المرأة في الانتخابات البلدية 1976 في الضفة والقطاع المحتلتين 1967.
والطرف الثاني وهو المتصهين وليس فقط المتأسرل لأن الالتزام بانتخابات الكيان هو تورط في اعتناق الإيديولوجيا الصهيونية..
ما يمكن أن يخلص إليه المرء من تجربته وتجارب الآخرين أمران :
الأول: قل كلمتك وامشِ طالما أنت على قناعة على الأقل في حينه.
والثاني: صلابة الموقف وصحته لم تحل دون تدفيعي اليوم ثمن موقفي من حق المرأة، واغتيال ناجي العلي ورفض التطبيع بدولة مع المستوطنين وأمور عديدة أخرى.
ملاحظة: نبهني الصديقان شاهر سليمان و د. عادل الأسطة حول التوثيق لما كتبته ريموندا الطويل. يجد من يريد المتابعة ذلك على صفحتي (Adel Samara) حين كتبت عن غزوة ماكرون للبنان
يا بيروت...عاد ماكرون ... وليس الصيف!
قراءة تطبيقية لتهافت نظريات "ما بعد الاستعمار"
المحاورة الثالثة ل تارنتابابو
عادل سماره 7 آب 2020
وقد تركت ما كتبته ريموندا كما هو دون تحرير، وهناك نصا بالإنجليزية ايضا ساوفره في مذكراتي النهائية إن بقيت حتى ذلك الحين) بعد مقالتي كتبت ريموندا ما وضعته هنا جزء منه.
ا